أين هي السعادة حين نعلق في رؤوسنا؟




 

 

إن 90-80% من الأشخاص يبدأون يومهم وينهونه بالأفكار، يعيشون داخل خيالهم وأفكارهم أكثر من واقعهم. وهذا هو بالضبط سبب تعاسة هذه النسب من الناس.

العيش في دوامة التفكير

تخيّل معي، أن شخصًا ما يقضي معظم يومه بالتفكير، سواء كان ذلك في المستقبل أو الماضي، ما يمكن أن يحدث، ما كان يجب أن يحدث، وإلى آخره، ولا ننسى أحلام اليقظة التي تنقله إلى عالم لا يمتّ للواقع بصلة.

أنا لا أقول ألا نهتم بالمستقبل، ولا نكترث بأخطاء الماضي، أو حتى لا نهرب قليلًا لعالمنا الخيالي، لكن:

  • المستقبل يجب التخطيط له بدون قلق لا طائل منه،

  • والماضي نتعلم من أخطائه جيدًا دون الشعور بالندم والتحسّر،

  • وأحلامنا الخيالية، من الجميل الهروب إليها من حين لآخر، لكن دون نسيان واقعنا الحقيقي.

الوعي هو الحل

يجب علينا أن نتعلم أن نأخذ الأمور بوعي أكثر، وأن نصبح نحن المتحكمين، لا مشاعرنا.

فإذا رجعنا لمثالنا السابق، هذا الشخص كثير التفكير، بمجرد ما يبدأ يومه وينهيه بالتفكير الزائد، ويستمر بفعل ذلك كل يوم.

فاليوم سيصبح أسبوعًا، والأسبوع سيصبح شهرًا، والشهر سيصبح سنةً، والسنة فوق سنة ستصبح سنين كثيرة، ويدرك هذا الشخص أن عمره قد أفناه في التفكير المستمر، وأن أغلب ما كان يفكر به لم يحدث، ولم يستفد منه أي شيء، غير أنه وصل لعمر الستين، وهو لا يعلم ما الذي فعله بحياته، وأين ذهبت أيامه.

أهمية اللحظة الحاضرة

لذا، المستقبل مهم، والماضي مهم أيضًا، ولكن الحاضر هو كل ما لدينا. فإن فكرنا كثيرًا، سنجد أنه ليس بيدنا فعل أي شيء سوى الدعاء بحدوث الأجمل، والغفران لما حدث في الماضي.

إن وعينا اليوم هو ما يُكوّن ما نحن عليه في المستقبل.
اجعل لحظتك ملكك الآن، ولا تدعها تذهب إلا وقد اغتنمت كل لحظة فيها، سواء من لحظة هدوء، سلام، سعادة، أو رضا.

أين هي السعادة؟

وهذا ينقلنا لموضوعنا التالي، وهو:
أين هي السعادة؟

في الواقع، أنه ليس من الضروري أن تكون لحظاتنا كلها سعادة مستمرة.
بعض الأشخاص قد يظن أن كونك إنسانًا سعيدًا يعني أن تكون لحظاتك كلها سعادة. وهذه في الحقيقة ضرب من الخيال، لأن الحياة لا تجعلنا سعداء على مدار السنة.

الحياة كموج البحر

قد يبدو حديثي سلبيًّا بعض الشيء، ولكن اسمح لي أن أكمل، فكّر معي بأن الحياة مثل أمواج البحر، لا تكون دائمة الاستقرار، فهي دائمة التقلب، كالحياة تمامًا.
فهل تتوقع من نفسك أن تكون سعيدًا رغم هذه التقلبات؟

حسنًا، من الممكن ألا تكون سعيدًا، وإنما تكون في سلام ورضا. كيف؟
ببساطة بأن نمشي مع هذه الأمواج، وألا نقاومها.
فإن قاومتها ستغرق، أليس كذلك؟ وإن تماشيت معها ستأخذك إلى برّ الأمان.

التقبّل هو الطريق للسلام

لذا، ليس من الممكن أن تكون سعيدًا، ولكنك ستنعم برضا وسلام داخلي وتقبُّل، بأن هذه هي الحياة، لا يمكنني التحكم بتقلباتها، ولكنني أستطيع أن أتماشى معها حتى تمر بسلام دون أي مقاومة مني.

وبذلك، إن تماشيت مع الحياة بتلك الطريقة، وبدأت بتدريب نفسك على ألا تقاومها، يومًا بعد يوم،
ستصبح متحكمًا أكثر بما يدور حولك، وستنعم بذلك السلام لفترة أطول بكثير،
وتستشعر كل لحظة، سواء كانت سيئة أو جيدة.

تعليقات